د. رائد الهاشمي
سفير ألنوايا ألحسنة
ثقافة الدعوة للسلام والتعايش السلمي قديمة قد تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد حيث تبناها الفلاسفة والحكماء في ذلك الوقت ودعوا لنبذ الخلافات والاختلافات بين اللغات والأديان والأوطان والتعايش بأخوة ومحبة وسلام, وبعدها دعت جميع الأديان السماوية لهذه الثقافة الراقية وحرّمت التفريق بين أفراد المجتمع على هذه الأمور وحثت الناس على نشر المحبة والإخاء والسلام بين كل أفراد المجتمعات مهما تباينت آرائهم ومعتقاداتهم ولغاتهم وأعراقهم, وقد انطلقت جميع هذه الدعوات والتعاليم السامية لتحقيق هدف واحد هو السلام ونبذ الفرقة بين الناس.
ان الاختلافات بين الأفراد في مجتمعاتنا في المعتقدات والثقافات والأفكار هي مسألة طبيعية ويجب أن لاتكون مصدراً للمشاكل والإقتتال والفرقة بل يجب أن تكون قوة للمجتمعات والأفراد لأن هذا النسيج الجميل من الاختلاف في الثقافات ستكون محصلته تبادل في الأفكار وإضافة للموروث الفكري والثقافي والحضاري للمجتمع, فيجب أن تكون هناك ثقافة سلام حقيقية في المجتمع تتبناها بالدرجة الأولى الحكومات باعتبار أن هذا من صلب واجباتها الدستورية وإذا قصرت بذلك لأي سبب كان فيجب على المثقفين بمختلف إختصاصاتهم أن يأخذوا دورهم الحقيقي في إشاعة ثقافة السلام بين أبناء المجتمع وكلٌ من موقعه وتكون هذه الأدوار مختلفة حسب الفئة التي يتعامل معها المثقف فالمعلم والمدرس والاستاذ الجامعي من واجبه زرع ألقيم النبيلة في نفوس الطلاب في المحبة والتسامح والتعايش السلمي ونبذ التعصب للطائفة والمذهب والعرق والقومية وقبول الآخر مهما كان الاختلاف معه والتركيز على حرية الفرد في الفكر والدين , والتركيز دائماً على مبدأ (البحث عن المشتركات ومحاولة تقويتها بين الأفراد وترك الإختلافات وتذويبها), وبهذه المنطلقات يجب أن يعمل المثقف سواء كان إعلامياً أو سياسياً أو أديباً أو شاعراً أو بأي تخصص يمارسه فعليه أن يحاول التأثير على جمهوره في زرع قيم السلام والمحبة والتعايش السلمي بين الأفراد والتركيز على إبراز أضرار الحروب بكل أنواعها وخاصة الطائفية والعرقية والتركيز على نتائجها الخطيرة على الفرد والمجتمع وعلى الدمار الهائل الذي تسببه على كل مفاصل الحياة وعلى البنى التحتية للبلد ومدى تأثيرها على تأخر المجتمعات وحرمان أفرادها من الرفاهية والعيش الرغيد, وما يجري في بلداننا العربية من حروب مستمرة إلا خير دليل على هذه النتائج المدمرة في حياة الأفراد والمجتمعات ونحن في هذا الوقت أحوج مانكون لأن يأخذ المثقف دوره الحقيقي والفعّال في نشر ثقافة السلام بكل مثلها الإنسانية الراقية لكي يساهم في بناء جيل جديد ينبذ الحروب بكل أنواعها ويعشق السلام والتعايش السلمي مع كل أفراد المجتمع مهما كانت دياناتهم وثقافاتهم وميولهم لكي يحيا الجميع بمحبة وأمن وسلام